مقالات مدى

حرب الأشهر الستة

مدى الاخبار: الدرب النضالي هو ثقافة وقيم ونمط مرتبط بالسلوك السياسي لا يتأتى إلا عبر عملية تنشئة وطنية وسياسية واجتماعية طويلة ومتراكمة من جيل إلى جيل .. بكل شجاعة وتحمل المسؤولية.

إن ما نعانيه الان من تدهور الأوضاع هو نتيجة الثقافة السياسية السائدة .. لانها ثقافة غير مسؤولة ومتعنتة لا تؤمن بالمشاركة والديمقراطية .. بل هي ثقافة رعوية خاضعة للتسلطية .. كل همها الحفاظ على السلطة دون الاعتراف بالفشل أو القدرة على تحمل المسؤولية والمساءلة.

في حرب غزة رفع القناع عن فشل حكام غزة الممتد منذ الانقلاب ليومنا هذا وتدهور حالة الوعي والنضج السياسي والقرار الأرعن الغير مسؤل الذي أودى بحياة أبناء شعبنا إلى الهاوية بسبب خضوعه الى طبيعة الأيديولوجية والعقيدة السياسية السائدة والسادية التي تنفرد بالقرارات المصيرية .. فمن الصعب على مثل هؤلاء أن يعترفوا بأخطائهم أو حتى فشلهم في نظم السياسية الشمولية التي غيبوا عنها وسائل التأثير والرقابة الشعبية لتهيمن عليها ثقافة الخوف وينعدم فيها القدرة على التفكير وتغييب دور العقل .. وفرض راي الحاكم الذي يخطئ وتتحمل الشعوب الثمن من حياتها ومعيشتها الضنكا .. إن ما نراه من سلوك سياسي هو نتيجة تغييب العقول والخبرات وتضخيم القوه العسكرية والأمنية على حساب الأرواح والتنمية ومحاربة الفقر والبطالة وتدمير القدرات الإنسانية والبشرية .. لفرض التبعية .. لذلك نجد الأملاك والمال العام تسخر لشراء السلاح الذي يسخر أيضا لحماية الحزب الحاكم وقهر الشعب !!

دون النظر إلى تغيير وإصلاح سياسي ديمقراطي يضمن لابناء شعبنا كرامتهم الإنسانية والوطنية ..
إن ما لحق بغزة من ظلم تاريخي وما زال بسبب سياسات الحكومة الغزية المنفردة بالحكم المطلق على حساب الحقوق الفلسطينية والتمسك بالولاءات الإقليمية والارصدة الشخصية وتقاعسها وعجزها بالحفاظ على صمود المواطن الفلسطيني على أرضه وكأنها غضت الطرف عن أخطاء وسياسات قد أضرت بالقضية والشعب وما وصلنا إليه من حالة انقسام ليس فقط للأرض بل للإنسان نفسه .. وانتهاج سياسات قمعية أدت الى ما نشهده اليوم من ابادة جماعية المسؤول عنها المباشر هم الاغبياء البعيدين عن ثقافة الاعتراف بالخطأ أو الفشل وتحميل الغير مسؤولية الفشل الذي نعيش فيه، فهذا أسهل الطرق للحكم والاستمرار فيه..

إن الاعتراف بالخطأ يعني التسليم بالمسؤولية والمساءلة، وهذا يتوقف بدوره على طبيعة الثقافة السائدة المتحررة من الخوف والقهر .. لذلك ونحن نعيش حرب الأشهر الستة علينا ان نخرس الاصوات التي تريد التوصل لتهدئة … فمن يمثلنا لا نريده ان يمثل الحزبية المقيتة في واقع غير قابل للعقلانية …

فأرواح اطفالنا … ونساءنا وشيوخنا .. بل بيوتنا وخراب مدننا هم الذين ساهموا وفرضوا واقع جديد في زمن الانحطاط والتخاذل … يجب الا تذهب التضحيات هباءأً منثورا … علينا ان نفضح من يتغنون على وتر اشلاءنا حتى يحصدوا ما قدمناه من تضحيات جسام … فتجار الحروب هم موجودون ومكشفون لنا ..

فعلينا جميعا … الا نجعل من صمودنا ووطنيتنا لقمة صائغة ليأكلها المتسلقين على ارواح شهداءنا وركام بيوتنا … فهناك بعض الاحزاب تريد ان ترفع من شعبيتها المنهزمة ورصيدها الوطنى على حساب غزة وابناءها لتقدمه لقمة صائغة لولاءها الاقليمي .. وهناك بعض السياسيين الذين يزاودون بشعاراتهم ليرفعوا السفهاء كقادة اقوياء … لاسقاط خصومهم السياسيين … علينا جميعاً ان نعي جيداً حجم المؤامرة … الرحمة لشهداءنا الابرار .. والخزي والعار للجبناء .. وانها لثورة حتى النصر …

زر الذهاب إلى الأعلى