مقالات مدى

عندما تفقد الانسانية بوصلة الأخلاق!…!

مدى الاخبار: بمرارة وحرقة وألم شديد نتابع اليوم كما العالم دون تشويش او تشفير وبما يقارب السبعة شهور ما حل بقطاع غزة من قتل وحصار وتعذيب وحمام دم يسيل، في حربٍ غيرمتكافئة مختلفة تماماً عما عهدته الحروب، بعد ان استخدم الاحتلال الصهيوني ضد شعب محاصر وأعزل كل محظور، مستغلاً التسهيلات والدعم والغطاء القانوني الذي منحه العالم للاحتلال الاسرائيلي للضغط على الزناد، والتي على اثرها اصبح القانون الدولي والمواثيق الدولية قائمة طعام يمكن الإنتقاء منها كما يشاء، ناهيك عن الدمار الذي فاق الوصف والخيال وكأن زلزالاً عديم الرحمة والشفقة قد مر من هناك، تاركاً دماراً حقيقياً وليس بخيال، حتى بدا للعالم عصياً على التصديق، على يد برابرة وطغاة القرن الواحد والعشرين التي بنهشها جسد القطاع استطاعت تبييض وجوه الوحوش الضارية والتحسين من سمعتها..!

كل هذا يحدث والأميرة ماتزال في صرحها العاجيّ “جامعة الدول العربية” نائمة في صمت مطبق وسبات عميق، وكأن لسان حالها يقول “اذا كان الكلام من فضة فالسكون اليوم من ذهب”..  فلربما هي بحاجة الى أكثر من 33 ألف شهيد، و 120 ألف جريح و80% من البيوت المهدمة حتى يستيقظ ضميرها وتستفيق !

لتصبح العروبة ووحدة اللغة والدين باستثناء كلمة جوار أكذوبة العصر والأقرب الى المستحييل..وكيف لا والدول التي توصف عربياً بالأشقاء يراقبون من بعيد لبعيد مسارات شعب يذبح من الوريد الى الوريد، ويباد بالتجويع، بعدما أصبحت عالقة عميقاً بأضراس الدول الغربية التي وضعتها وهي وحدها من تقتلعها، البعض منهم يعتاشون على فتات مساعداتها، والبعض الآخر يحتمون بخيمتها، ظناً منهم أنهم بأحضانها سيكونون آمنين، حتى زادت إنحناء وتمرغاً تتماشى وتتماهى بدورانها في فلكهم، بعيدة كل البعد عن محيطها الجغرافي والقومي وحتى المصيري، جعلها تعيش وعكةً “سيادة في زمن الإنبطاح”، فلا سيادة لها ولا وزن الا بما تملكه من مال، يتعاملون معها كمزرعة أغنام مملوكه لهم تسير بركبهم وإملاءاتهم، محظور عليها سلوك الطريق التي تريد، فتراها مكبلة بالقيود تخشى كسر أغلالها، مأمورة مطيعة ظهرها الى الخلف تماماً حتى أصبح رحيلها اليوم مطلباً شعبياً ملحاً، وقد باتت في نظر شعوبهم من أعظم وأفدح الشرور.

فلربما بل ومن المؤكد انها لم تستشعر يوماً الخطر المحدق بها، وانها عاجلاً أم آجلاً سوف تُذبح بنفس السكين وتساق لنفس المصير المطلوب لفلسطين…فماذا عساهم فاعلون..!!

فما تقدمه تلك الدول التي ترمي بكامل ثقلها كوكيل تنفيذي للاحتلال أقله دعماً لوجستياً واستراتيجياً وتموينياً بالحفاظ على كامل علاقاتها واتفاقياتها وعطائها، لا يقدمه اي نظام عاقل في حالتي السلم اوالحرب، ليساعدها على التمكن من بني جلدتهم والصمود…وكيف لا وفلسطين على مدى ما يقارب 75 عاماً لم تكن يوماً بوصلة هذه الأنظمة فلا حاجة لها بالقضايا العربية والمصير العربي من قريب أو من بعيد، فلطالما كان نظرها يتجه دوماً نحو العروش، مما جعل أعداؤها يتمسكون بمبدأ القوة والجيش الذي لا يقهر، القادر على سحق الجميع…!

فحقيقة وليس باستنتاجات ان غزة التي قايضت كرامتها بآلاف الشهداء تدفع اليوم ثمناً أقل بكثير من ثمن العبودية والخنوع، قد أصابها السكين العربي من ذوي القربى المتخاذلين حتى وصل الى العظم، والذي حتماً سيكتبه التاريخ يوماً في صفحة من أسود صفحاته وأحلكها ظلمةً وسواداً.

 وخلافاً للصمت العربي المطبق، ها هو العالم يستفيق على مشهد فظيع، حيث جثة “آرون بوشنيل- بو عزيز فلسطين” القادم من ضواحي تكساس الجنوبية في واشنطن وهي تحترق وتتفحم احتجاجاً على ما يحدث في غزة، موجهاً في فعلته تلك صفعة قوية بوجه الخونة والمتقاعصين الذين عجزوا عن استخدام الصافرة التي بها يمكن فرملة توحشها ووقف الحرب وانهاء المأساة.

والمفارقة هنا ان “بوشنيل” لم يكن ليربطه بغزة لغة او عروبة او حتى دين، كل ما في الأمر انه كان انسان قد تبقى بقلبه ذرة من ضمير.. فلربما كان على جثة “بوشنيل” أن تتفحم كي تتضح أكثر صورة العرب والمسلمين التي كانت ومازالت تعاني من التبلد وعدم الاحساس والجلد السميك، حتى وصل بها الهوان الى المفصل وسقطت في امتحان الانسانية والضمير، حتى الحياد لم يقف عند بابها فبات البعض منهم خنجراً مسموماً في يد الصهاينة التي ما لبثت دوماً تسخر من خياناتهم وتقاعصهم، و قد ظهر هذا جلياً على لسان أحد المسؤولين الصهاينة موجهاً كلامه الى الصميم العربي عندما قال “نحن لسنا عرباً نُقتل ونسكت”..!

فلربما ان كلمة الحق لا تتطلب من احد إحراق نفسه بالضرورة فكان يكفي أن لا نكون حصان ترواضه لمخططات الغرب واسرائيل..!

زر الذهاب إلى الأعلى