الجولة الأخيرة: الولايات المتحدة وإسرائيل ضد دولة فلسطين
بقلم : فادي أبو بكر/ كاتب وباحث فلسطيني
مدى الاخبار:
يشير الإحباط الإسرائيلي من قرار الولايات المتحدة بوقف تزويد إسرائيل بأنواع معيّنة من الأسلحة، وربط الرئيس الأمريكي جو بايدن تحرير المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس بوقف إطلاق النار، إلى جانب التقارير الصحفية الإسرائيلية التي تشير إلى تفاهمات إقليمية حول إغلاق معبر رفح وتحويله لشركة أمنية أمريكية، أن الولايات المتحدة تسيطر على المشهد بشكل كبير، وتمتلك القدرة على تحديد مسار الحرب وإمكانية وقفها أو استمرارها، رغم المواقف المتباينة التي تظهر في وسائل الإعلام.
في ضوء التصعيد العسكري الإسرائيلي في رفح، يبدو أن إسرائيل والولايات المتحدة في طريقهما نحو المرحلة النهائية من الحرب على قطاع غزة، فلم يعد لدى نتنياهو ما يلوّح به بعد اجتياح رفح، حيث أن الفشل العسكري الإسرائيلي في غزة، والعزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل، بالإضافة إلى عدم قدرة الولايات المتحدة على وقف انتزاع قرارات دولية تؤيد الشعب الفلسطيني، إلا في نطاق مجلس الامن باستخدام الفيتو، والذي يشكّل إحراجاً كبيراً لها ويدفعها نحو مربع العزلة الدولية الذي تقطنه إسرائيل، تدفع كل من إسرائيل والولايات المتحدة نحو استكشاف خيارات جديدة للتصعيد في الربع الساعة الأخيرة من هذه الحرب.
تقود إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، حرباً عسكرية واقتصادية بهدف فرض شروط وتسويات سياسية على الفلسطينيين، تتضّح في زيادة الضغط على السلطة الفلسطينية للتنازل عن مطالبها والموافقة على تسويات تخدم مصالح إسرائيل، بما في ذلك قضايا مثل رواتب الأسرى والشهداء، ومحتوى المناهج التعليمية الفلسطينية.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة زيادة في الضغط الاقتصادي على السلطة الفلسطينية والضغط العسكري على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس، ولا نستبعد أن تستخدم إسرائيل أقذر الوسائل المتاحة لديها لتحقيق أهدافها في المنطقة، المتمثلة في تغيير الواقع الجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يضمن إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية، وتكريس وجودها الإستعماري الاستيطاني.
في هذا السياق، يبرز التحالف الإسرائيلي الأمريكي كأداة رئيسية لتحقيق أهدافهما المشتركة في الشرق الأوسط، ويظهر أن كلا واشنطن وتل أبيب تسعيان لتحقيق التطبيع العربي مع إسرائيل، وعلى وجه التحديد – التطبيع السعودي الإسرائيلي – كمحصلة طبيعية في حال نجاحهما في إخضاع وتركيع الفلسطينيين.
ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجيات ستواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية في العالم، لا سيّما في العالم الغربي، حيث يزداد الوعي الدولي بقضية الشعب الفلسطيني، ويميل الرأي العام الدولي لصالح الفلسطينيين بشكل أكبر يوماً بعد يوم.
من جهةٍ أخرى قد يؤدي الضغط المتزايد على الفلسطينيين إلى مزيد من التصعيد سواء كان ذلك بشكله الشعبي أو حتى الرسمي، بما يتضمنه من تفجير مفاجآت مثل حلّ السلطة الفلسطينية الذي كان يُلوّح به سابقاً من قبل الرئيس محمود عباس، ويعتبر هذا السيناريو وارد التطبيق الآن، إذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه باستعصاءاته السياسية والاقتصادية.
إن الوقت قد حان لتدخل المجتمع الدولي لوقف الاستراتيجيات العدوانية والمعادلات الإقليمية التي تحاول إسرائيل والولايات المتحدة فرضها في خضمّ الحرب على قطاع غزة، وينبغي على المجتمع الدولي التحرك الآن لوقف حرب الإبادة المستمر منذ أكثر من نصف عام، والعمل على فتح مسار سياسي يضمن إيجاد حل عادل وشامل يلبي مطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، ودون ذلك لن يتحقق الاستقرار في المنطقة وتداعيات هذه الاستراتيجيات ستمتد وجوباً إلى الشوارع العربية والعالمية.